الجمعة، 5 مارس 2010

وقفات (نتذكر صاحب الذكري محمد صلي الله عليه وسلم)



(1) ولدى الهدى :
ولد الهدى فالكائنات ضياء وفم الزمان تبسم وثناء
وأجمل منك لم تر قط عين وأكمل منك لم تلد النساء
في يوم الاثنين 12 من ربيع الأول من عام الفيل أشرق الأرض وعم النور واضمحلت غيوم الظلم والظلمات والجهل والجور والعبودية لغير الله بمولد النبي الحبيب الهادي البشير محمد صلى الله عليه و سلم ولد الحاشر والماحي الذي يحشر الناس على أثره والذي يمحو الله به الضلال والكفر ولد محمد فهو محمود في الأرض ومحمود في السماء ولد العاقب خاتم المرسلين الذي لا نبي بعده ولد الهدى والنور محمد صلى الله عليه و سلم

(2) البشرى والبشارة :

يقول سيد الأولين والآخرين عن نفسه صلى الله عليه و سلم أنا دعوة أبي إبراهيم وبشارة أخي عيسى ورأت أمي حين وضعتني أن نور خرج منها أضاء المشرق والمغرب وأضاءت منه كسور الشام ويقول صلى الله عليه و سلم إن الله خلق الخلق ثم جعلهم فرقتين فجعلني في خير فرقة ثم جعلهم قبائل فجعلني في خير قبيلة ثم جعلهم بيوتا وجعلني في خيرهم بيتًا وخيرهم نسبًا .
قال تعالى : "لَقَدْ مَنَّ اللهُ عَلَى الْمُؤمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِّنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِن قَبْلُ لَفِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ "
(3) موجز الرسالة .. ومواصفات صاحبها:
في كلمات سهلة يسيره وإيجاز معبر ينطلق المتحدث الرسمي عن المسلمين في بلاد الحبشة أمام حاكمها النجاشي ليلخص أهم تعاليم الدين الجديد فيقول جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه للنجاشي حينما سأله عن هذا الدين الجديد قال جعفر( أيها الملك كنا قوما نعيش في جاهلية وشرك نعبد الأصنام ونشرك بالله ونقطع الأرحام ونسيئ الجوار ويعتدي منا القوي على الضعيف فبعث الله فينا نبيًا من بيننا نعرف نسبه وخلقه وأمانته وعفافه فدعانا إلى عبادة الله وحده لا شريك له وترك عبادة الأصنام وأمرنا بصلة الأرحام وحسن الجوار وآداء الأمانة وترك الخيانة وصدق الحديث فأمنا به واتبعناه فعدا علينا قومنا فأذونا وعذبونا وطاردونا فجئنا إلى بلادك ورجونا ألا نظلم عندك أيها الملك0 فقال النجاشي: إن الذي جاء به نبيكم والذي جاء به عيسى ليخرج من مشكاة واحدة وأمر باكرامهم .

وعندما دخل ربعى بن عامر ايوان كسرى بادره قائلا مالذى اتى بكم ؟فما عهدنا العرب الا اناسا يأكلون فتات موائدنا ؟ فأجابه فى يقين المؤمن وعزة المسلم وثبات منقطع النظير ( لقد ابتعثنا الله لنخرج من شاء من عباة العباد إلى عبادة الله وحدة لا شريك له ومن جور الأديان إلى عدل الإسلام ومن ضيق الدنيا إلى سعة الدنيا والآخرة ).
وحين دخل صلى الله عليه و سلم على خديجة بنت خويلد الزوجة الحنون والأم الرؤوم وهو يرتجف عندما جاءه الملك في الغار وهو يقول زملوني زملوني قالت المرأة المؤمنة الثابتة الواثقة من ربها وإيمانها ودينها قالت للنبي محمد صلى الله عليه و سلم والله لا يخزيك الله أبدًا . لماذا يا أم المؤمنين ؟ قالت الحيثيات التالية إنك لتصل الرحم وتحمل الكل وتكسب المعدوم وتقري الضيف وتعين على نوائب الدهر .
(4) الركن الشديد .. الذي لجأ إليه النبي صلى الله عليه و سلم :
عندما ضاق الأمر في مكة وخرج رسول الله صلى الله عليه و سلم إلى الطائف يبحث عن النصرة لدين الله وواجهته الصعاب وعدا عليه السفهاء يضربونه بالحجارة ويسيل الدم من قدميه الشريفتين صلى الله عليه و سلم في سبيل دينه ودعوته لجأ إلى النصير إلى الله يدعوه ويرجوه ويسأله المغفرة بدعاء سطر بأحرف من نور يقول صلى الله عليه و سلم " اللهم إني أشكو إليك ضعف قوتي وقلت حيلتي وهواني على الناس أنت أرحم الراحمين وأنت رب المستضعفين وأنت ربي إلى من تكلني إلى بعيد يتجهمني أم إلى أقريب ملكته أمري ؟ إن لم يكن بك علي غضب فلا أبالي "
(5) هل تعرض رسول الله صلى الله عليه و سلم للإيذاء ؟ وماذا فعل ؟ :
نعم تعرض رسول الله صلى الله عليه و سلم للإيذاء الشديد من القريب والبعيد من أهله وأقاربه وبني جلته وعشيرته ثم من اليهود والمنافقين قالوا عنه ساحر وقالوا كاهن وقالوا مجنون واتهم في أعز شيئ لدى الإنسان عرضه وأهل بيته بل وصل الأمر إلى التآمر على قتله " وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللهُ وَاللهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ " كان صلى الله عليه و سلم مثالاً للصبر والمثابرة بل والشكر لله وكان يتحمل الأذى واثقًا بوعد الله ونصره وإظهار هذا الدين ولقد أرادوا إغراءه بالمال والجاه والسلطان والنفوذ حتى يرده عن دينه ودعوته فقال قولته الشهيرة صلى الله عليه و سلم لعمه والله يا عم لو وضعوا الشمس في يميني والقمر في يساري على أن أترك هذا الأمر ما تركته حتى يظهره الله أو أهلك دونه .

(6) القرآن يخاطب رسول الله صلى الله عليه و سلم :
"يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ.قُمِ اللَّيْلَ إِلاَّ قَلِيلاً.نِصْفَهُ أَوِ انقُصْ مِنْهُ قَلِيلاً ................"
وهذا دأب أصحاب الرسالات ومن صفاتهم الهمم العالية والتناجي مع الله ليلاً سرًا وجهرًا إذا أرادوا جني الثمار وسرعة الإنجاز عليهم التعلق بالله والتضرع بين يديه والخلوة مع الله والطلب منه بإلحاح .
".يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ.قُمْ فَأَنْذِرْ.وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ.وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ.وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ ................"
هكذا عليك البلاغ هكذا عليك البيان هكذا عليك أن تنذر "فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنتَ مُذَكِّرٌ.لَسْتَ عَلَيْهِم بِمُسَيْطِرٍ "
" وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الأقْرَبِينَ.وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ "

قام صلى الله عليه و سلم بهذا الواجب وأدى الأمانة قام لينذر عشيرته وأقاربه والدوائر المحيطه به في ثبات وثقة وفي حب لهم وعطف عليهم بالحكمة والموعظة الحسنة ولقد نادى في عشيرته وقومه وجمعهم وقال لهم قولوا00 لا إله إلا الله تفلحوا0 وقال لهم أرأيتم لو أني أخبرتكم أن خيلاً تغير عليكم خلف هذا الوادي أكنتم مصدقي؟ قالوا ما جربنا عليك كذب قط0 قال : فإني نذير إليكم بين يدي عذاب شديد0 فقال له عمه أبو لهب تبًا لك يا محمد ألهذا جمعتنا؟ ثم ناصبوه العداء وحاربوه ونزل القرآن يؤيد رسول الله صلى الله عليه و سلم ويرد على أبي لهب تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ . مَا أَغْنَى عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ . سَيَصْلَى نَارًا ذَاتَ لَهَبٍ . وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ . فِي جِيدِهَا حَبْلٌ مِّن مَّسَدٍ " ومع ذلك انطلق رسول الله صلى الله عليه و سلم وصحبه الكرام يدعون الناس إلى كلمة التوحيد في صبر وثبات مع تعرضهم للإيذاء والسخرية والافتراءات والاتهامات الباطلة دون أن يثنيهم ذلك شيئ من الاستمرار في الدعوة إلى الله وهذا هو درب الدعاة إلى الله0 0الصبر والثبات والتضحيات من أجل الغاية الكبرى والفوز برضى الله عز وجل والجنة00 ألا إن سلعة الله غالية ألا إن سلعة الله الجنة .

وخاطب القرآن رسول الله صلى الله عليه و سلم مؤيدًا ومطمئنًا ومبشرًا وموجهًا ليخاطب أمته من بعده قال تعالى : "يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ " "يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا.وَدَاعِيًا إِلَى اللهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُّنِيرًا.وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ بِأَنَّ لَهُم مِّنَ اللهِ فَضْلاً كَبِيرًا " ثم زكاه واعلى قدره وبين معية الله له فقال تعالى:

" وَالضُّحَى . وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى . مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى . وَلَلآَخِرَةُ خَيْرٌ لَّكَ مِنَ الأُولَى "
" أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ . وَوَضَعْنَا عَنكَ وِزْرَكَ . الَّذِي أَنْقَضَ ظَهْرَكَ . وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ . فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا . إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا . فَإِذَا فَرَغْتَ فَانْصَبْ . وَإِلَى رَبِّكَ فَارْغَبْ "
" وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ " " وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ "

(7) ثم ماذا بعد ؟ ! :

أن نحتفل بذكراه العطرة نعم لا بأس ولكن هل بالحلوى فقط ؟ أو الكلام فقط ؟ نعم نحتفل بذكرى مولده صلى الله عليه و سلم فنحمد الله ونشكره على نعمة الإسلام ونعمة القرآن ونعمة محمد عليه السلام ونقوم بالدفاع عنه وعن دينه وعن سنته وعن الإسلام وندعو إلى سماحة الإسلام وعدل الإسلام ورحمة الإسلام بالحكمة والموعظة الحسنة0 نضحى في سبيل هذا الدين ونصرة النبي صلى الله عليه و سلم ومن أجل نشر منهجة وبذل الغالي والنفيس من أجل أن يعم دين الرحمة وخلق الرحمة وتنتشر مبادئ الرحمة والسلام والعدل الذي جاء به محمد صلى الله عليه و سلم .

نهتم بأمر المسلمين في كل مكان وندافع عن المقدسات ونأمر بالمعروف وننهى عن المنكر ونقف في وجه الطغيان والعدوان وننصر المظلوم ونمتنع عن قول الزور وشهادة الزور وأكل الربا0 ونبتعد عن المحرمات وننشر العفة ومكارم الأخلاق التي جاء بها محمد صلى الله عليه و سلم .

إذا أرادت البشرية السعادة والغوث والخروج من كبوتها وأزماتها فلتحتفل بسيرة محمد صلى الله عليه و سلم قولاً وفعلاً وتسير بمنهج محمد صلى الله عليه و سلم وتطبق شرعة محمد صلى الله عليه و سلم وهذا هو سر السعادة في الدنيا والآخرة .

وصلي اللهم على محمد في الأولين وفي الآخرين في الملأ الأعلى إلى يوم الدين
بقلم:
محمد أبوالعينين
موجه بالتربية والتعليم

ليست هناك تعليقات: